بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 8 يوليو 2010

شركات الابحاث التسويقية... ماذا تريد منا؟ أهو الغزو الفكري والاقتصادي؟؟!!

في الآونة الاخيرة لا يكاد يمر يوم الا واجد مكالمة هاتفية وحين ارد اجد من يقول لي انا فلان او فلانة من شركة كذا العالمية لأبحاث التسويق ويظل يرغي معاية فترة طويلة ..... مش مهم المهم فحوى المكالمة حيث اجد انه يسأل اسالة غريبة عن مستوى دخلي ودخل اسرتي وعن انماط الأسرة الإستهلاكة وردود فعلي عن الألوان والرموز والأشكال والهدف النهائي كما يقولون انها ابحاث تستهدف الترويج لسلعة او سلوك اقتصادي معين او حتى التعرف على سلوكياتك واستخداماتك واحتياجاتك للموبايل ويدخل في الأبحاث القدرات الاستهلاكية لك ولأسرتك ودخلك الشهري وبصراحة انا جاوبتهم على كل الأسئلة الي سألوها وبعد ان جلست افكر مع نفسي في المكالمة ونوعية الاسئلة التي وجهت لي تشككت في الأمر وبسؤال مجموعة من صديقاتي وجدت ان كثير منهم حدث له نفس الشئ فبحثت في امر هذه الشركات واكتشفت مفاجأه... وهي أن هناك شركات أجنبية ومتعددة الجنسيات في مصر متخصصة في مجال الأبحاث التسويقية تقوم باستطلاعات للرأي عبر الانترنت والهاتف وعبر مندوبيها في المواقع المختلفة।
واحدة من هذه الشركات هي شركة بريطانية الجنسية لها مقرات في بعض الدول العربية ولها افرع منتشرة حول العالم وتقوم بطلب دراسات وأبحاث حول الأنماط والقدرات الاستهلاكية للمجتمع المصري وتطلب هذه الشركة من باحثين مصريين إعداد ابحاث في مجالات التسويق المختلفة وهذا هو ظاهر الأمر ولكن باطنه يهدف إلى دراسة ظواهر اجتماعية وسلوكية تترجم في النهاية القدرة على السيطرة على احتياجات المصريين وتوجيهها وتحديد التوقعات المستقبلية لردود افعالنا تجاه قضايا معينة وتجاه سلع معينه।
وهذه الأبحاث تتناول القطاعات الاقتصادية والسياحية والسلع الاستهلاكية وهي تؤدي بالضرورة الى الحصول على قواعد بيانات كبيرة وبعض هذه الأبحاث يتم عن طريق استطلاعات للرأي عبر الانترنت।
وتطلب بعض الاستبيانات اختيار العبارة التي تصف وظيفة المجيب ووظيفة عائل الأسرة وكل عبارة تضم تحديد الوظيفة بالضبط وهذا مثال لبعض الوظائف التي وردت بالعبارات: ضباط جيش درجة ثانية- مديرون- موظفون اداريون رئيسيون- اصحاب شركات كبرى- موظفون حكوميون على مستوى عال- ضباط جيش।
وهناك اسئلة اكثر تفصيلا منها ما يتعلق بالحالة الاقتصادية فيسأل الباحث عن اجمالي دخل الأسرة وعدد الأجهزة الكهربائية الموجودة بالمنزل بالتحديد السيارة ودرجة رقي المنطقة السكنية ونوع السكن ويسأل الباحث عن عدد أفراد الأسرة من الإناث اللاتي تتراوح اعمارهم بين ثمانية عشر وخمسة واربعين عاماً والمزيد من الاستمارات والأسئلة التي تشرح الحالة الاجتماعية والاقتصادية والسلوكية للمجتمع।
مما سبق اتضح لي ان بعض هذه الأبحاث له علاقة مباشرة بالسيطرة على السلوك الاستهلاكي للمجتمع وهو ما يطبق عليه علم الباراسيكولوجي وهو العلم الذي يستهدف التأثير على العقل الباطن للمجتمعات ومن ثم دفعهم الى انتهاج سلوك معين।
الأمر قد يكون أخطر من ذلك لأن القدرة على التأثير على التوجهات الاستهلاكية للمجتمعات تعني مباشرة القدرة على التأثير على هذه المجتمعات في امور اخرى قد تكون اكثر خطراً ومن بينها التأثير على الثقافة السائدة وانماطها مثل ارتداء بعض الشباب للبنطلون الجينز الساقط يعني من الآخر الامريكان يريدون منا ان نرتدي البنطلونات الجينز في رؤوسنا وهو ما حدث لدى الكثير حيث طمست عقولهم رغما عنهم واستبدلت ثقافتهم بثقافة اخرى مدمرة لثقافتنا وحضارتنا وقيمنا واخلاقنا।
وهذه الابحاث الممولة خارجياً لا تقتصر على السلع الاستهلاكية فقط وفي هذا السياق يرصد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل الظاهرة قائلاً: انا غير راض اساساً على التمويل الخارجي للأبحاث فالمثل الانجليزي يقول ان الرجل الذي يدفع للزمار هو الذي يقرر النغمة التي يعزفها الزمار।
اصدقائي الأعزاء يبدو ان مصر تتعرض لأكبر محاولة للسيطرة على عقول المصريين في تاريخها وهذا بالرغم من وجود العديد من مراكز الأبحاث والكثير من الحاصلين على الماجستير والدكتوراه في شتى المجالات ولكننا لا ننتفع بما لدينا ولا نسعى للتنمية والبناء باستخدام المناهج العلمية أو حتى الحد الأدنى من الأسلوب العلمي في البناء والتنمية وتعظيم الانتماء واصبحنا مطالبين اليوم أكثر من أي وقت مضى أن ننتبه لمثل هذه المحاولات التي قد تدمر مجتمعنا إن عمليات توجيه اكثر خطرا من السلع الاستهلاكية تحدث فعلاً وعلى نطاق خفي ومنها على سبيل المثال دفع الشباب الى تعاطي وادمان المخدرات بأنواعها وأي مدقق لأخبار الحوادث سيرصد عمليات تهريب تتم عبر حدودنا الشرقية وظواهر اخرى مثل عبدة الشيطان وغيرها।
اعزائي لقد حان الوقت لننتبه إلى ما يجري حولنا والأزمة الحقيقية أننا أصبحنا في حاجة ملحة لرؤية تواجه التيارات الخارجية الساعية إلى السيطرة على العقل المصري والعربي لكن يجب أن تتسلح هذه الرؤية بالعلم والمعرفة.

ليست هناك تعليقات: